"حاتم علي" شاهد حيٌ على النكبة

2021-01-04 14:28:06

إسراء صلاح/غزة

رحل المخرج حاتم علي -رحمه الله- في جنازة جمعت العديد من كبار الفن والكثير من الحزن والدموع والأسى على فراقه، فكل بيت عربي مدينٌ بالترحم على من جعل النص أصل الحكاية، والتاريخ سيد الدراما، فمن منا لم يشاهد الزير سالم والتغريبة الفلسطينية والفصول الأربعة؟!

حاتم علي مخرج ومنتج سوري وهو من أبناء الجولان المحتل، استطاع أن يجمع بين الكتابة والإخراج والتمثيل، ترك خلفه إرثًا حقيقيًا لكل عربي وكل فلسطيني على وجه الخصوص، يروي فيه حكاية اللاجئين ويكون عينًا على النكبة، فقد أهدى لنا هوية تاريخية محفوظة من الطمس إلى الأبد.

مسلسل التغريبة الفلسطينية، مسلسل درامي تاريخي روى أحداث النكبة وحفر تفاصيلها في الذاكرة، حمل آلام الفلسطينيين وهمومهم بطريقة يصعب على كتب التاريخ والوثائق إيصالها إلى كل العالم، ليثبت حاتم أنه برع في حفظ تاريخ القضية الفلسطينية من التشويه والتضليل، وأرسل رسالة واضحة مفادها أن فلسطين أرض لشعب عاش حياته الريفية البسيطة التي دمرها الاحتلال، ودحض مقولة الصهاينة بأن الكبار يموتون والصغار ينسون.

 

مشاهد التغريبة الفلسطينية والتي لولاها لما استطعنا تخيل تفاصيل النكبة وأبعادها المرعبة، قنابل المدافع العشوائية التي سقطت على بيوت الطين، ودويها الذي أذعر الجميع، تهجير الناس من منازلهم وهروبهم من الموت، أطفال أضاعوا أهلهم، ورضّع تم نسيانهم، وضياع كرامة الناس، جرائم القتل والغدر ومذبحة دير ياسين التي هرب الناس من هولها، والكثير من مشاهد الفقدان والجوع.

كل من يشاهد هذا العمل العظيم، يتعجب من قدرته على إخراج دراما كهذه وهو ليس فلسطيني، لكنه أوضح في إحدى اللقاءات أن أحداث التغريبة الفلسطينية تتقاطع في تفاصيلها مع تجربته الشخصية، إذ أنه عاش طفولته وشبابه في مخيم اليرموك عام 1967، وكان شاهدًا على النكسة، فاستطاع أن يستحضر الكثير من التفاصيل وأن يوظفها ويعيد تركيبها من خلال هذا العمل، وكان دائمًا يؤكد على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب جميعًا.

ومن المشاهد التي حملت في طياتها معانٍ كثيرة؛ مفتاح أم صالح الذي احتفظت به في صدرها وضربت عليه لتتأكد من حفظه، وأنها ستعود، وبندقية والد رشدي، ميراث رشدي للتأكيد على استمرار المقاومة والتمسك بالأرض بالقوة.

ولم يكتفِ الراحل حاتم علي بإخراج المسلسل فحسب، بل أدى دور رشدي وهو شابٌ، ليكون حاضرًا في الكتابة والتمثيل، ففي إحدى المشاهد قام رشدي بتمزيق أوراق منحة دراسية كان قد انتظرها طويلًا، وعاد ليأخذ بندقية أبيه التي خبأها، ليؤكد على أن الدفاع عن الوطن هي الشهادة العليا، وكذلك لقاءه بأمه بعد سنوات طويلة من الفراق، كأنه يقول في الواقع إن العودة حق لا بد منه.

إن سر حفظ التاريخ هو عدد من الدراما التاريخية التي تتحدث عن قضايا كبيرة تكسبها روحًا وحياةً، فإن مشاهدة دراما تلفزيونية من هذا النوع بالنسبة للاجئين منذ الولادة؛ هي بمثابة ضرب حجران من الصوان ببعضهما لإشعال الذاكرة وإحياء الوعي الوطني فينا، ووضع ملحٍ على جروح التطبيع العربي مع الاحتلال، والشعور بمرارة الذل والقهر الذي تجرعه أجدادنا، وحث الأجيال القادمة على التمسك بالثوابت الوطنية والتاريخية.

مصدر الصورة: الإنترنت

 

اخترنا لكم
عماد ابو الفتوح عندما عرفت أن الرواية القا...
سلمى أمين هل تمنّيت يومًا أن تتحدّث أكثر م...
 هند الجندي ينظر معظم الناس للأذكياء...
لينا العطّار/  اخترنا لكم من اراجيك...
بقلم: تركي المالكي الحياة مليئة بالجمال وا...
اخترنا لكم هدى قضاض- اراجيك  يعد ا...
منوعات
نغم كراجه/غزة يواجه الشباب صعوبة في إيجاد...
رغد السقا/غزة يمر ذوي الإعاقة بظروف نفسية...
سها سكر/غزة "لا تحسَبِ المجدَ تمرًا أ...
نغم كراجة/غزة "أمي لم تفِ بوعدها، أخب...
إسراء صلاح/غزة هنا غزة المدينة المنكوب...
عرين سنقرط/القدس ربما قطار الفرح في مدينتي...